الاخبار: هداية محمد التتر
بعد عام ونصف عام على حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة، لم تتوقف المجازر ولم تهدأ الغارات. يواصل العدو حملته بلا هوادة، يقتل ويشرّد، ويمعن في تدمير كل مقومات الحياة،.
ويصف الخمسيني أبو محمود الصيفي، الوضع بعد 555 يوماً من الحرب على غزة بأنه «لا يطاق»، ويقول لـ«الأخبار» إن ما يعايشه هو فوق احتمال البشر «ولا يمكن لأي أحد في العالم تحمّل ما نواجهه من جوع وحرمان من كل مقوّمات الحياة»، مؤكداً أن «الغزيين تحملوا كل ذلك العدوان، لأنهم أصحاب الأرض ولا بديل لنا سوى الدفاع عنها، في وقت يسعى الاحتلال إلى إعدام الحياة في القطاع كي يصبح العيش فيها مستحيلاً، فنضطر إلى الهجرة منها وتركها طواعية».
ويضيف أبو محمود موجّهاً حديثه إلى رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو «الذي يريد إلغاء الهوية الفلسطينية وخلعها من جذورها: لا تحلم ولا تفكر ولو للحظة أن نترك أرضنا التي سنعيد بناءها وإعمارها مرة أخرى».
بدوره، يرى محمد بحر (42 عاماً) أن مدة العام ونصف العام مرّت وكأنها سنوات، «فالمشهد هو ذاته يتكرر مذْ بدأت الحرب، قتل، دم، دمار، تشرد، جوع، وحرمان»، ويشير إلى أن الخوف من القادم هو أكثر ما يسيطر على تفكيره.
ويوضح محمد في حديث إلى «الأخبار» أنه أمضى الثمانية عشر شهراً في التنقل والنزوح من مكان إلى آخر «فلم يعد هناك مكان آمن في قطاع غزة. أصبحنا نعيش حياة لا تمت إلى الحياة الآدمية بأي صلة، الخيام مهترئة، والشوارع مليئة بالمياه العادمة والنفايات، حتى العملة الورقية والمعدنية لم تعد متوافرة، ما يصعب من توفير ما يلزم من طعام».
ويلفت إلى أن الحديث عن هدنة يعني «المزيد من القتل والتدمير والتشريد في ظل انعدام الأماكن التي يمكن أن نلجأ إليها في ظل اكتظاظ مراكز الإيواء بالنازحين»، مؤكداً أن أمنية الغزيين الآن «هو انتهاء الحرب والعيش بأمان فقط ».
وعلى قارعة الطريق المؤدّي إلى شارع النصر غرب مدينة غزة، نُصبت الخيام المهترئة نتيجة عوامل الطقس المختلفة، وتقول أم صهيب حرز (24 عاماً)، إن «الحرب أخذت من أعمارنا الكثير، فلم يعد لنا لا بيوت ولا حتى مأوى نلجأ إليه، حتى خيمتنا لم تعد تحمينا لا من حر الصيف ولا من برد الشتاء»، وتشير إلى أنه «كلما أُعلن عن هدنة يراودنا شك باستمرارها، لأن الحرب تعود بعدها أشد وأعظم مما كانت عليه».
وتعبّر رواء أكرم (21 عاماً) عن تفاؤلها بأن «القادم أجمل»، وأن «بعد العسر يسراً»، وتؤكد في حديثها لـ«الأخبار» أن «الشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون، وما فقدناه من احتياجات مادية سترجع، والحجر سيعاد بناؤه، والجوع والعطش سيصبحان ذكرى تمر، ويبقى الأجر والثواب عند الله تعالى».
وتضيف: «صحيح أن الحياة صعبة والبيئة المحيطة سيئة حيث النفايات في الشوارع ومياه الصرف الصحي في كل مكان، وحظنا من التعليم لم يعد له مكان، إلا أن ذلك لن يدعوني إلى التشاؤم، فأنا برأيي نحن أهل غزة ربحنا وكسبنا الدنيا والآخرة، وأن ما نحن فيه هو مقدّمة لتحرير كل فلسطين إن شاء الله».
وفي هذا السياق، توافقها التفاؤل إحسان عبدالله (42 عاماً)، التي تعتبر أن «ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من مجازر مروّعة بحق المدنيين العزّل، وتدمير ممنهج وشامل للبنية التحتية والمرافق الحيوية والمنازل السكنية، سيعقبه خير كثير».
وشددت عبدالله التي فقدت شقيقها ووالدتها في الحرب، على «إيمان وإصرار أهل غزة بأنهم باقون على العهد. ولن نتخلى عن شبر من أرضنا، ونحن على أمل بأن الفرج قريب».
وأعربت «منظمة الصحة العالمية»، عن قلقها إزاء منع دخول المساعدات إلى القطاع، مشيرة إلى «النقص الحادّ» في الإمدادات الطبية والأدوية في القطاع.
كما أعلن المتحدث باسم الأمين العام لـ«الأمم المتحدة»، ستيفان دوغاريك، أن «نحو 70% من غزة يخضع الآن لأوامر تهجير من إسرائيل، ما يترك الفلسطينيين هناك بلا مكان آمن يلجؤون إليه»، مشيراً إلى أن «إسرائيل لم تسمح بدخول أي مساعدات إنسانية أو إمدادات أساسية لأكثر من 7 أسابيع».
وبلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار الماضي 1613 شهيداً و4233 جريحاً.
وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 50 ألفاً و983 شهيداً و116 ألفاً و274 جريحاً منذ السابع من تشرين الأول 2023.